القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
174657 مشاهدة print word pdf
line-top
عدم تحمل المخلوقات رؤية الله

...............................................................................


في بعض الروايات أنه ما تجلى من ذاته سبحانه للجبل إلا الشيء القليل حتى قُدِّر بأنملة. تجلى من ذاته وكشف من ذاته للجبل هذا القدر القليل؛ فاندك الجبل من أثر هيبته، وعظمته، ونوره. فهذا في هذه الحياة الدنيا. أنه لو كشف هذا النور لاحترق ما يصل إليه نوره من خلقه، وقد ذكر في هذه الآثار أن هذه الحجب منها حجاب من نور، وحجاب من نار، وغيرها من الحجب. وهذه الحجب التي احتجب الله تعالى بها من النور، بمعنى أنها تمنع الأنظار أن تصل إليه .
في صحيح مسلم عن أبي ذر أنه قال: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال: نور أنى أراه أي: لا يمكن أني أراه لما دونه من النور أو بما احتجب به من النور، وفي رواية: رأيت نورًا أي: رأى النور، ولكن لا يدل على أنه رأى ذات الرب تعالى، فإنه سبحانه من عظمته لا يبرز لشيء في الدنيا إلا اندك، واضمحل كما حصل ذلك للجبل. ومعلوم أيضًا أن هذه الحجب مخلوقة ومع ذلك هذه عظمتها.
الحجاب الواحد سمكه مسيرة خمسمائة سنة فكيف بسبعين حجابًا، وكيف بسبعين ألفًا من الحجب، خلقها الله تعالى.
أين تلك الحجب؟ وأين تصل إليه؟ وقد ذكر الله تعالى أن نور السماوات والأرض من نوره. قرأ بعضهم قول الله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فقال. قرأها: الله نوَّرَ السماوات والأرض، ولكن القراءة المشهورة: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ؛ يعنى أن ما في السماوات وما في الأرض من النور فإنه من نور الله الذي خلقه. سمى الله تعالى القمر نورًا، وكذلك الشمس سماها أيضًا نورًا وضياء. والذي خلق بها هذا النور فهو مخلوق من جملة الأنوار. مع ذلك هذه الشمس التي هي مخلوقة لا يستطيع أحدنا أن ينظر إليها، إذا حدق نظره إليها أصابه شعاع من شعاعها تأثر تأثيرًا على بصره.

line-bottom